"البازار" الليبيّ المفتوح.. هل ينتهي إلى "تقسيم" البلاد؟

أكثر من سنتين فى الرأى

أقل من شهر واحد يفصلنا عن الاستحقاق الرئاسي الليبي، فيما وقف عدّاد المرشّحين عند "98"، معظمهم من المغمورين وأصحاب الخبرة السياسية الصفرية، ولم يُعرَف بعد عدد الذين سيتمّ قبول ترشيحهم بعد عملية "الفلترَة" الجارية الآن, والتي عُهِدت ملفاتهم إلى "الجهات المُختصّة"، والتي تعني هنا كما في جلّ البلاد العربية وباقي الأنظمة الاستبدادية, مكتب النائب العام وجهاز المباحث الجنائية وجهاز الجوازات والجنسية.. لـ"التدقيق" فيها، ما يجعل الجميع ينتظر حتّى يوم السابع من الشهر الوشيك, لمعرفة ما إذا كان سيدخل ماراثون الانتخابات أم يتمّ استبعاده؟, ومنهم مَن إذا سَلِم من الفلترة الاستخبارية سيذهب إلى "المقايضة" مع مرشّح قوي أو أكثر, لضمان حصّته في كعكة المرحلة التي سيُعرف فيها اسم أول رئيس "منتخَب" للجماهيرية السّابقة منذ سقوط نظام الأخ قائد الثورة.

وإذ برزت معارضة قوية لإجراء الانتخابات وفق قانون يقول أحد المعارضين وهو خالد المشري/ رئيس المجلس الأعلى للدولة (مقره طرابلس وأحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الليبية قبل استقالته من الجماعة – كما أعلن هو شخصياً- في العام 2019): أن القانون الانتخابي تمّ "تفصيله" لصالح مُرشّح معين (لم يُسمِّه).. فإنّ الجدل المحتدم والمتدحرج الدّائر الآن في أوساط القوى والمنظمات والتنظيمات المُسلحة, والدول القابضة بقوّة على الملفّ الليبي، يشي بأنّ الأمور سائرة نحو التأزيم والاحتمالات الواردة بنسف موعد الانتخابات الرّئاسية المقررة "24" الشهر المقبل، في حال لم تُسفر الجهود المحمومة التي تبذلها القوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الولايات المتّحدة لصالح "أحد" مرشّحيها، سواء عبر تنظيم سلسلة من الاغتيالات أو تأزيم الأوضاع الميدانية وإعادة إحياء المواجهات العسكرية, تمهيداً لتدخل عسكري مباشر هذه المرة، خاصة لقطع الطريق على سيف الإسلام القذافي الذي ورغم تراجع حظوظه وانخفاض شعبيته إلا أنّه بات هدفاً لواشنطن, التي طالبَت في مجلس الأمن الدولي قبل يومين تسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية، ناهيك عن رغبة ومطالبة دول أوروبية وعربية عدم السماح لرموز نظام القذافي بخوض انتخابات كهذه, للحؤول دون استعادة دورهم السياسي, حتّى لو فشِل كلّهم في انتخابات ليس من المؤكّد أنّها ستجري في موعدها أو إن كانت ستجري أصلاً.

في ظل الانتقادت التي ما تزال توجّه لقانون الانتخابات حمّال الأوجه/والفضفاض على ما يقول المعارضون له، فإنّ مسألة مهمة لم تُحسم بعد، ويبدو أنّها ستكون البطاقة الحمراء التي سترفعها أطراف عدّة, ونقصد مسألة سحب المرتزقة وباقي القوات غير الليبية من ليبيا, خاصة تعنّت اردوغان ورفضه المُعلن, بزعمه أنّ القوات التركية وعديدها يقترب من عشرة آلاف جندي/وخبير/واستخباري على ما تفيد التقاريرالغربية.. موجودة باتفاق مع حكومة طرابلس "الشرعية".

زد على ذلك ما أعلنته أوساط المعارضة السورية قبل يومين عن وصول كتائب جديدة من المرتزقة السوريين، حلفاء بل أدوات مُخطط عثماني استعماري إلى ليبيا. يتزامن ذلك مع صمت غربي يصل تخوم التواطؤ، وإن كانت عواصمه تدعو إلى انسحاب كلّ القوى الأجنبية.. مرتزقة ونظامية, تُشاركها عواصم عربية وبعض الدول الأوروبية المتنافسة مع تركيا على الكعكة الليبية.

لن يغيّر كثيراً في المشهد الليبي الذي يزداد غموضاً وتعقيداً, إعلان المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية...البريطاني/كريم خان "تنحّيهِ" عن أيّ قضية تتصل بالشأن الليبي (كان دافعَ عن سيف الإسلام القذافي, عندما طالبت المحكمة بتسليمه بِتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب،وإعلانه أنّه سيزور ليبيا مطلع العام المقبل (بعد أن يكون موعد الانتخابات قد مرّ أو أنّ الانتخابات جرى تأجيلها).

كذلك إذا كانت مفوضية الانتخابات الليبية ستنظر في رسالة المدّعي العام "العسكري" لمنع ترشّج الجنرال خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي, حتّى لو تمسّكت المفوضية بالقانون رقم "1" الخاص بانتخاب رئيس الدولة, الذي ينصّ على "ألّا يكون المُرشّح صدر بحقّه حُكم قضائي نهائي", وهو لم يصدر بحقّ القذافي الابن، كذلك لم يصدر بحق الجنرال/الأميركي الجنسية..حفتر. إذ "علّقت" قاضية أميركية في العاشر من الشهر الجاري دعوى قضائية ضد حفتر, إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في ليبيا، كونها كما قالت: "تشعر بالقلق في أن يتمّ استخدام هذه القضية للتأثير على الوضع السياسي الهشّ في ليبيا" (تُهمة حفتر في المحكمة الأميركية هي: ارتكاب التعذيب وجرائم حرب من 2016-2017).

كلّهم يتاجرون في "القضية الليبية".. يبيعون ويشترون، بعضهم نقداً ومعظمهم على الحساب, والذي يدفع الثمن هو الشعب الليبي المُبتلى بأُمراء حرب وقادة ميلشيات, و"زعماء وثوار" على صلة وثيقة بل يُنفّذون أوامر العدو الصهيوني. كذلك رهط من رجال الأعمال وعملاء الخارج...الذين سيأخذون ليبيا إلى التقسيم حال تضرّرت مصالحهم, أو تلقّوا الأوامر من الأميركان والصهاينة.kharroub@jpf.com.jo

شارك الخبر على