خطة طموحة.. مصر نحو التحول إلى مركز عالمي للتعدين

ما يقرب من ٣ سنوات فى تيار

خطوات حثيثة اتخذتها مصر في سبيل تطوير قطاع التعدين ورفع مساهمته في الاقتصاد القومي، بداية من تطوير التشريعات ذات الصلة لجذب الاستثمارات، ضمن استراتيجية شاملة لتطوير القطاع بمختلف أنشطته، لتحقيق أقصى استفادة من ثروات مصر التعدينية، والعمل على زيادة القيمة المضافة منها، وزيادة مساهمة النشاط التعديني في الناتج المحلي الإجمالي، ضمن خطة لتحويل مصر إلى مركز عالمي للتعدين.
 
وقبل أيام، جدد وزير البترول والثروة المعدنية في مصر، طارق الملا، حديثه بشأن تلك الخطة، وذلك خلال كلمته بالمؤتمر السنوي لجمعية المطورين والمنقبين الكندية، وهي الكلمة التي شدد خلالها على أن بلاده نجحت خلال العامين الماضيين في "إجراء تغيير أساسي لتصبح مركزاً إقليميا للتعدين، من خلال إعادة وضع مصر في مجالات الاستثمار في التعدين".
 
وسبق أن كشف الوزير في بيان له منتصف الشهر الماضي، عن خطة بلاده الطموحة في قطاع التعدين، وقال إن القاهرة تستهدف رفع صادرات التعدين بنحو 7 مرات في السنوات العشرين المقبلة.
 
وطبقاً للمستهدفات التي أعلن عنها الوزير المصري، فإن مصر تستهدف الوصول بصادرات القطاع إلى عشرة مليارات دولار بحلول العام 2040 مقارنة بـ 1.6 مليار دولار حالياً. ويُتوقع في السياق ذاته إسناد أكثر من 200 منطقة امتياز للبحث والاستكشاف التعديني.
 
البنية التشريعية
 
الخبير الاقتصادي المصري علي الإدريسي، يحدد في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" عاملين رئيسيين انطلقت منهما مصر في خطتها من أجل التحول إلى مركز عالمي للطاقة؛ العامل الأول مرتبط بالقوانين والتشريعات التي تم تطويرها أخيراً، للتغلب علىى المشكلات السابقة والتي كانت السبب الرئيسي في عدم المقدرة على استثمار الثروة المعدنية بشكل مناسب. "بدأت مصر تدريجياً في إدخال تعديلات على تلك التشريعات، ومن ثم تذليل العقبات، من خلال تشريعات منظمة للعمل".
 
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية في بداية العام 2020 عن لائحة قانون الثروة المعدنية التنفيذية، والتي دفعت باتجاه زيادة الاستثمارات الأجنبية واستغلال الثروة المعدنية الغنية لمصر.
 
وخلال العام نفسه -وعلى رغم ظروف جائحة كورونا وتداعياتها الشديدة- ارتفع عدد الشركات العالمية المتقدمة بعطاءات في مصر بصورة فاقت التوقعات، وقد فازت 11 شركة (وطنية وأجنبية) بحقوق استكشاف 82 منطقة امتياز للذهب (على مساحة 14 ألف كم2، وباستثمارات 60 مليون دولار).
 
وأُدخلت تعديلات على بعض مواد قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014 الذي صدّق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي قامت وزارة البترول والثروة المعدنية بإعداده بهدف تنظيم عملية استغلال الثروات المعدنية. وصدر القانون رقم 145 لسنة 2019 بتاريخ 7 أغسطس 2019 بتعديل بعض أحكام قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014 وكذا صدور اللائحة التنفيذية في 14 يناير 2020 كما تم تعديل النظام المالي.
 
العامل الثاني، بحسب الإدريسي، مرتبط بـ "جهود الدولة في هذا القطاع" ليس فقط على صعيد القوانين، إنما أيضاً من خلال توفير قواعد البيانات اللازمة، بما في ذلك المناطق والإحصاءات لخلق منظومة متكاملة؛ تُمكن من تقديم الفرص الواعدة بشكل واضح للقطاع الخاص.
 
ويقول الأدريسي إن تلك الخطة من شأنها دعم الناتج المحلي الإجمالي، ورفع معدلات مساهمة قطاع التعدين بالاقتصاد، ليكون واحداً من المصادر الأساسية بالنسبة للاقتصاد المصري، في ظل جهود الدولة المبذلة بدلاً عن تصدير المواد الأولية، ليتم تصديرها مصنعة بما يحقق القيمة المضافة بشكل أكبر، ومن ثم "نتمنى استمرار هذه الجهود وتعزيز مشاركة القطاع الخاص".
 
ويولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتماماً بقطاع التعدين، وقد وجّه في وقت ساب بالارتفاع بالقطاع لزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني.
 
مستهدفات 2030
 
وبحلول العام 2030، تستهدف مصر رفع مساهمة قطاع التعدين في إجمالي الناتج المحلي إلى 5 بالمئة، طبقاً للبيانات الرسمي والتي تتوقع استثمارات مباشرة بالقطاع تصل إلى 750 مليون دولار بحلول العام نفسه. يدعم ذلك حالة الاستقرار الأمني وخطة الإصلاح الاقتصادي في مصر، والتي أسهمت في وضع البلد على خارطة التعدين العالمية.
 
وطبقاً لأستاذ التمويل والاستثمار مصطفى بدرة، فإن الرئيس السيسي "وجه في وقت سابق بوضع خطة شاملة لزيادة الاستثمارات في مختلف القطاعات، ومن بينها قطاع التعدين والطاقة؛ لرفع مساهمته في الناتج المحلي، وهي الخطط التي ظهر تأثيرها بشكل مباشر من خلال ما شهدته القطاعات ذات الصلة من تطورات مباشرة ولافتة، في مجال الثروة المعدنية.
 
ويشير في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، إلى أن استراتيجية الدولة في قطاع التعدين تستهدف استخراج الثروات المعدنية من باطن الأرض، كالفوسفات والذهب والمنجنيز، والعمل على تصنيع تلك المواد الخام وتصديرها ليس في صورة مواد أولية، وبالتالي فتح الباب أمام الاستثمارات المختلفة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، مستشهداً في السياق ذاته بما حققه "الفوسفات" على سبيل المثال وجهود الدولة لتعظيم المخزون، فضلاً عن اكتشافات الذهب المختلفة في مصر؛ تأكيداً على ذلك التوجه الحكومي.
 
يذكر أنه في الفترة من شهر يوليو 2014 حتى يونيو 2020، تم بيع حوالي 102 طن ذهب وفضة بقيمة إجمالية حوالي 3.72 مليار دولار، وفق بيانات وزارة البترول والثروة المعدنية.
 
ويرصد الخبير الاقتصادي المصري انعكاسات تلك الخطة وأثرها على الاقتصاد المصري، في ستة بنود رئيسية؛ هي (توفير العملة الصعبة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وفتح أسواق جديدة في الخارج، وجذب استثمارات عالمية، وتوفير فرص عمل، وكذلك توطين العديد من الصناعات).
 
العملة الصعبة
 
وبدوره، يوضح الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، رشاد عبده، أن خطة الوصول بصادرات القطاع إلى 10 مليارات دولار بحلول العام 2040 مقارنة بـ 1.6 مليار دولار حالياً من شأنها المساهمة في معالجة واحدة من أصعب الأزمات التي تعاني منها مصر "مصر لا تعاني مشكلة اقتصادية.. المشكلة الأساسية في العملة الأجنبية، وبالتالي فإن زيادة التصدير تعني زيادة العملة الأجنبية، وبالتالي ينعكس ذلك على الاقتصاد بصفة عامة".
 
ويرى أن تلك الخطة هي جزء من رؤية الدولة لجذب الاستثمارات وتوفير العملة الأجنبية، مستشهداً بإيرادات قناة السويس، فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية، فضلاً عن الاكتفاء الذاتي من الطاقة وتصدير الغاز والكهرباء، فضلاً عن مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، كل هذا التنوع يسهم بشكل أساسي في تنوع الإيرادات والحصول على العملة الأجنبية. ويتحدث عن تلك الخطط الهادفة لتوظيف تلك الإمكانات بوصفها بداية لاستثمار إمكانيات مصر أفضل استثمار، على اعتبار أنه يتم تصدير المواد في صورتها الأولية الخام ومن ثم استيراد المواد المصنعة بأسعار مرتفعة.

شارك الخبر على