مواجهة أخيرة بين ترامب وإيران ؟

أكثر من ٣ سنوات فى تيار

ينتهي العام 2020 في بغداد كما كانت بدايته، وعاصمة الرشيد هي ساحة اقتتال وفض حسابات بين إيران وميليشياتها وعصاباتها من جهة، والولايات المتحدة ومنشآتها العسكرية والديبلوماسية والاقتصادية في العراق من جهة أخرى. هل مناخ التصعيد يؤدي إلى مواجهة أخيرة بين علي خامنئي ودونالد ترامب في الأسابيع الأربعة المتبقية للرئيس الأميركي في الحكم؟
بغداد، حيث سقطت هيبة الدولة العراقية مرة تلو الأخرى في العقدين الأخيرين، وحيث وباتت كلمة الفصل وتقرير مصير الناشطين والناشطات في يد مجرمين وخاطفين يتعدون على بيوت الناس في وضح النار ويستشيطون غضبا ويتذمرون من أن عقول البعض تحررت وهم خانعون في ظلمة الجهل والتطرف، هي مرة أخرى رهينة بيد الميليشيات.
اعتداء يوم الأحد على المنطقة الخضراء والذي راح ضحيته عراقيون ولم تخدش صواريخه الإيرانية المصدر وجه أميركي، هو رسالة من طهران لترامب في ذكرى اغتيال قاسم سليماني أمام أعين الجميع، بأن خامنئي قادر على إحداث الفوضى.

خامنئي بعد اغتيال سليماني قرر الرد بشكل ظاهري لأنه لا يريد مواجهة مفتوحة مع ترامب. وأبلغت إيران في يناير المنصرم السلطات العراقية باسم القاعدة الأميركية المشتركة التي ستضربها والوقت الذي ستتم فيه الضربة

الجيش والاستخبارات الأميركية تتحدث عن أجواء تصعيد إيراني في ذكرى مقتل سليماني ولو أنها لا تتوقع حربا. في نفس الوقت الإدارة الأميركية مستعدة سياسيا وعسكريا في حال اختارت إيران المواجهة. الجيش والبحرية الأميركية أرسلوا غواصة "يو أس أس جيورجيا" وطائرات B52 إلى الخليج لردع إيران، إنما تحسبا لأي خطأ إيراني تتحدى فيه طهران خط ترامب الأحمر بوقوع ضحايا أميركيين.
ترامب ليس لديه ما يخسره في الـ25 يوما الأخيرة في الحكم، وهو ليس جيمي كارتر الذي أذلته إيران في 1975 في أزمة الرهائن، وعادت وتنازلت لخلفه رونالد ريغان. في نفس الوقت لن يكون من السهل وقوع ضحايا أميركيين من خلال تصويب صواريخ كاتيوشا على المنطقة الخضراء. فالسفارة الأميركية شبه فارغة اليوم والقواعد الأميركية محصنة فيما ثمن ضربها في العراق قد يعني استهداف نقاطا داخل إيران اليوم، والجيش الأميركي يدرك أن ترامب قد يحسم في هذا الاتجاه في حال استفزته طهران.

إيران تدرك أن الانتقام الاستعراضي لمقتل سليماني سيرتد عكسيا عليها فيما التوسع الميليشياوي الاستراتيجي فوق أنف واشنطن في الإقليم هو الهدف الأبعد

خامنئي عاصر ستة رؤساء أميركيين، ويقرأ بتمعن استراتيجيات ونقاط ضعف كل منهم، ووظفها لصالح طهران خلال 31 عاما له في الحكم. وهو بعد اغتيال سليماني قرر الرد بشكل ظاهري لأنه لا يريد مواجهة مفتوحة مع ترامب. وأبلغت إيران في يناير المنصرم السلطات العراقية باسم القاعدة الأميركية المشتركة التي ستضربها والوقت الذي ستتم فيه الضربة لأنها لا تريد تصعيدا مفتوحا مع عملاق عسكري واقتصادي بحجم أميركا. واختار خامنئي الانتقام إقليميا برص نفوذ ميليشياته وعصاباته في العراق واليمن وسوريا ولبنان، ومحاولة زعزعزعة الملاحة النفطية في مياه الخليج وحول مضيق هرمز. 
إيران تدرك أن الانتقام الاستعراضي لمقتل سليماني سيرتد عكسيا عليها فيما التوسع الميليشياوي الاستراتيجي فوق أنف واشنطن في الإقليم هو الهدف الأبعد. أما أميركا بعد ترامب فلن تكون منهمكة بعصابات جرمية في بغداد فيما العملاق الصيني يهدد أمن آسيا ومصالحها هناك.
هذه المتغيرات تضعف من فرص حدوث مواجهة مفتوحة بين أميركا وإيران في الأسابيع الأخيرة لترامب في الحكم إلا في حال أخطأ خامنئي حساباته كما لم يفعل في الثلاثة عقود الفائتة. أما العراق فمواجهته الأخطر والأصعب هي بعد ترامب في وجه العصابات والعقول المرتهنة، فيما أميركا تحزم أغراضها وتعيد رسم أولوياتها بعيدا عن الشرق الأوسط وميليشياته وحساباته القبلية.

شارك الخبر على