سلمان بن حمد آل خليفة

سلمان بن حمد آل خليفة

''' ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بسلمان بن حمد آل خليفة؟
أعلى المصادر التى تكتب عن سلمان بن حمد آل خليفة
أحمد علي يكتب في كلمة صدق عندما تصبح الوساطة القطرية جريمة في المنامة .................................................................. البحرين تتعامل مع مواطنيها على طريقة «بوشلاخ».. بالتنسيق مع «أبولمعة» المصري! ............................................................. " تقرير بسيوني" أكد أن اتصالات قطر مع المعارضة بالتنسيق مع السلطة لتسوية أزمتها ................................................................. الفقرة " ٥٢٧" من تقرير لجنة تقصي الحقائق تؤكد أن الهدف من اتصالات الدوحة حقن الدماء ................................................................. آخر ابتكارات أو «فناتك» السلطات البحرينية تلفيق تهمة «التخابر مع قطر» لزعيم المعارضة المعتقل علي سلمان، الأمين العام لجمعية «الوفاق» المحلولة! هذا القيادي البحريني المعارض، القابع في السجن حالياً، منذ احتجازه في الثامن والعشرين من ديسمبر ٢٠١٤، إثر مقاطعة جمعيته الانتخابات البرلمانية، التي جرت في نوفمبر من نفس العام، لفقت له «النيابة العامة» تهمة باطلة، على خلفية الاتصالات الهـــاتفيـــة التي دارت بيــــنه وبين معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء السابق، ضمن وساطة قطرية معلومة، وليست مجهولة، تمت في شهر مارس عام ٢٠١١، بمعرفة وموافقة ومباركة السلطات البحرينية. لقد تم بث أجزاء من تلك المكالمات بشكل موجه لتوظيفها في سياق الأزمة الخليجية الراهنة، وتوجيه الرأي العام من خلالها، عبر الادعاء أن قطر تتدخل في شؤون البحرين الداخلية! .. وعندما أتناول بقلمي هذه القضية الملفقة، لا أزعم أنني أملك خبرات الفقيه القانوني الخليجي الشهير «أحمد يكيكي»، ولكن الزج باسم قطر بهذا الشكل الخبيث، عبر اقتطاع أجزاء من الاتصالات الهاتفية، التي تمت في شهر مارس ٢٠١١، وبثها وسط التوترات الحالية، يؤكد بالدليل القاطع، والبرهان الساطع، مواصلة استهداف الدوحة من طرف دول «التآمر الرباعي»! كما يعد توجيه تهمة التخابر مع قطر إلى القيادي البحريني علي سلمان تنكراً للجهود والمساعي القطرية التي بذلتها الدوحة، لإنهاء الاضطرابات في البحـــرين، تعزيزاً لأمنها وحفاظاً على استقرارها. .. وتوضيحاً لما هو واضح، أود إضافة شحنة أخرى من التوضيح، حرصاً على إضفاء المزيد من زخم الوضوح بأن الوساطة القطرية كانت تتم في وضح النهار، في إطار المساعي الحميدة التي بذلتها قطر، للوصول إلى حل سياسي مع المعارضة، يجنب البحرين إراقة الدماء، بعد انطلاق موجات الحراك الشعبي الواسع في «المملكة» شهر فبراير عام ٢٠١١. .. ولعل ما يؤكد علم المنامة بهذه الوساطة وترحيبها بها، إجراء الاتصالات الهاتفية على شبكة الهواتف العادية في البحرين، وعدم إثارة «المملكة» لهذا الموضوع طوال الأعوام الماضية، لا سيما خلال أزمة سحب السفراء عام ٢٠١٤، كقضية خلافية، شكلت ضغطاً على العلاقات القطرية ــ البحرينية حينها. .. ولا يحتاج الأمر الثابت إلى إثبات بأن كل ما ورد في تلك المكالمات، كان يتم على مسمع «الديوان الملكي» البحريني، بموافقة رسمية من «الملك»، ومتابعة سياسية من «ولي عهده»، وتنسيق مباشر مع المملكة العربية السعودية، ممثلة بوزير خارجيتها الأمير الراحل سعود الفيصل، رحمه الله. .. واســـتـــــنـــــــاداً إلـــى ذلـــــك، قـــــــام مـــعـــــالي الشـــــــيـــــــــخ حـــمــد بـــن جاسم بن جبر آل ثاني، بصفته وزيراً للخارجية آنذاك، بزيارة المنامة في الرابع عشر من مارس عام ٢٠١١، بصحبة نظــــــيره السعــــودي، عشــــية دخول طلائـــع قــــوات «درع الجزيرة» إلى الأراضي البحرينية. .. وأذكر يومها أن معالي رئيس الوزراء السابق وزير الخارجية الأسبق، أدلى بتصريحات نقلتها وكالة أنباء البحرين الرسمية، أكد فيها وقوف قطر إلى جانب «المملكة الشقيقة» في مواجهة أي خطر يهدد أمنها ويقوض استقرارها. .. والمؤسف أن يتم قلب الحقائق المتعلقة بالوساطة التي قادتها قطر مع رموز المعارضة البحرينية، وتوظيف الاتصالات التي أجرتها معهم، بمباركة من سلطات الحكم في المنامة، لتصفية الحسابات مع الدوحة، في إطار الأزمة الخليجية الراهنة! .. ويمكن ملاحظة أن ادعاءات «التخابر مع قطر»، التي تـــحاول السلطــــات البحرينـــية إلــصـاقـــها بالمــــعارض البحــــرينـــي «علي سلمان»، هي نفس التهمة التي وجهها النظام المصري للرئيس الشرعي المعزول «محمــد مرسي»، مما يعني أن المحرض واحــــــد، وجهــــة التحريــــض ضـــد الــــدوحة واحدة، وجهة الادعاء والتلفيق موحدة! .. وأستطيع القول إن «بوشلاخ» البحريني، تحالف مع «أبولمعة» المصري، وهما شخصيتان تشتهران بترويج الأباطيل، وإشاعة الأكاذيب، وقام أشهر كذاب، مع أكذب «فشار» بتلفيق تهمة «التخابر مع قطر»، على خلفية الاتصالات الهاتفية التي جرت مع المعارضة البحرينية عام ٢٠١١. .. وما من شك في أن اتهام علي سلمان «بالتخابر مع قطر»، يثير الكثير من السخرية والاستهجان ولا أقول الأحزان في الشارع القطري، كما يسبب المزيـــد مـــن الاحتقـــان فـــي الداخل البحريني، خاصة أن التهمة الملفقة تتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، ولهذا أصبحت هذه القصة تتردد على كل لسان! .. والمؤسف أنه لم تبق نقيصة في إطار التهمة الملفقة، لم تحاول «النيابة العامة» إلصاقها بالمعارض البحريني، الذي يحظى بشعبية جارفة في بلاده، منها التخابر مع قطر، للقيام بأعمال عدائيـــــة ضـــد البحريــن، تستهـــدف الإضرار بمــركـــزها الحربي والسياسي والاقتصادي، واستهداف مصالحها القومية»! .. وفي إطار هذه «القفة» من الادعاءات، لم يبق سوى اتهامه بأنه «تخابر مع الدوحة» للإضرار بالمنتوج القومي من «البمبر»، وهي ثمرة تشتهر بها البحرين، دائرية بحجم «التيلة»، بداخلها مادة لزجة سكرية، تحيـــــط بنواتهــــا الداخلـــــية، مفــــيدة لعلاج قرحة المعدة، لأنها تغطي الجدار الملتهب بمادتها الصمغية، كما أنها تصلح لعلاج حالات «السعال الديكي»، التي تظهر على المصاب في شكل شهقات طويلة تشبه صيحة «الديج»! .. وسميت «البمبرة» بهذاالاسم، لأن سقوطها من شجرتها يصدر صوتاً عند ارتطامها بالأرض، وكأنها قطعة من المفرقعات، وربما يكون ذلك هـــــو السبــــب في اتهام المعـــــارض البحــــريني بالإضرار بمركز البحرين الحربي، حيث يتم استخدام «البمبرة» كسلاح استراتيجي لرشق الأعداء! .. وليس غريباً أيضاً اتهامه بأنه تواطأ مع الدوحة لإحداث كساد في الناتج الوطني من «صلوم اللوز» و«العنقيش»، وربما يتم اتهامه لاحقاً بإفشاء «الشفرة الملكية» الخاصة بوصفة خلطات «الآجار» البحريني! كما لا أستبعد اتهام قطر بتخريب الصناعات الثقيلة في البحرين، من بينها صناعة «المهفة» وهي المروحة اليدوية، المصنوعة من «الخوص» الملون، والادعاء أن علي سلمان أفشى أسرار صناعة «الفخار»، الذي تشتهر به قرية «عالي»، وتسبب في الإضرار بصناعة «السلال» التي تنتجها قرية «كرباباد»! .. ويمكن أن تخصص سلطات البحرين «جفيرا» مليئاً بالادعاءات حول تخابر المعارض البحريني مع الدوحة، من بينها سعيه لتدمير صناعة «البشتختة» التي يتم فيها حفظ الوثائق والمستندات، وقيامه بتفجير صندوق «الغتم»، ونظيره«بوحبال» الملفوف بالحبال المتينة، المرتبط بالتراث البحريني! .. وليس مستبعداً أيضاً اتهامه مع الدوحة بالإضرار بمحصول «الرويد»، و«البربير» و«البقل» و«الطروح»! .. عدا تواطؤ المعارض البحريني، وتورطه مع قطر في تسميم «ماي اللقاح»، وإفساد الثروة الوطنية من «المرقدوش»، و«العنزروت» و«الزموتة»، مما سيؤدي إلى كارثة كبرى في البحرين، تتمثل في صعوبة قيام سكانها بطرد الغازات! .. وخـــــارج إطاــــــر تــلك الألغاز، ليــــس ســــراً أن قطر قادت وساطة أخوية لتسوية الأزمة السياسية في البحرين، بعلم العاهــــل البحريــني، وعنـــــدما يتـــم استــــغـــلال تلــــك الاتصالات الهاتفية، فهذا يعد توظيـــفاً رخيـــصاً، يحمــــل في طـــياته نوايا خبيثة، وأهدافاً خسيسة. .. ولو كانت سلطات البحرين صادقة مع شعبها، بعيداً عن دبلوماسية «بوشلاخ»، واستراتيجيات «أبولمعة»، لقامت ببث ما ورد في تلك المكالمات كاملاً، دون اقتطاع أي أجزاء منها، ليعرف الجميع حقيقة ما دار فيها، وليعلم الرأي العام البحريني والخليجي والعربي أنها في حقيقتها لم تخرج عن إطار البحث عن حل سياسي للأزمة التي عصفت بالبلاد عام ٢٠١١. .. وعندما تُضخم البحرين الاتصالات الهاتفية القطرية، التي تمت مع رموز المعارضة، وتُخرجها عن سياقها، وتزعم أن المعارض علي سلمان تخابر مع قطر، فإنها هي الخاسر الأكبر، لأنها بذلك تثير الرأي العام ضدها، وتجعلنا نسلط الأضواء الكاشفة على الزوايا المعتمة في صراعها المتواصل مع شعبها. .. ولو لم يكن علي سلمان رجلاً وطنياً سواء اختــــــلفنا أو اتفــــقنا مع مواقفه لما تعاملت المنـــــامة معــــه في إطــــــار مشروعها الإصلاحي الـــــــــذي تـــم إجـــــهاضه، ولما أصـــــبح واحداً من رموز ديمقراطيتها الموؤودة، كما يظهر في الصورة التي تتـــــصدر الصفحة، والتي تظهره حاضراً في المشهد البحريني، جنباً إلى جنب مع ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة. .. ولو كان عميلاً لدولة أجنبية، كما تدعي المنامة، أو «جاسوساً» يخابر مع قطر، لما حظي بالشعبية الجارفة في أوساط طائفته، التي أوصلته، ليصبح أميناً عاماً لجمعية «الوفاق» التي تم حلها! .. ويكفي لدحض الادعاءات البحرينية الكاذبة، حــــول تخــــابر عــلي سلمان مع قطــر، قــــراءة تقـــرير المحـــقـــق الـــدولـــــي محمود شريف بسيوني، الذي دخل اسمه بيوت البحرينيين جميعاً، وظل حاضراً في ذاكرتهم وذكرياتهم عن الأحداث التي شهدتها «مملكتهم»، رغم رحيله عن عالمنا في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر الماضي، بمستشفى في شيكاغو عن عمر ناهز ٨٠ عاماً. .. وعندما أتوقف عند «تقرير بسيوني» أعتقد أنه لا أحد في البحرين وما حولها، لم يسمع عن مخرجات ذلك التقرير الأشهر في وصف الحالة البحرينية. فهذا الخبير القانوني الدولي، ذو الأصول المصرية، الذي يحمل الجنسية الأميركية، اعتمدت عليه «الأمم المتحدة» في الكثير من ملفاتها المعقدة، لتقصي الحقائق في مناطق الصراع حول العالم. .. وكان بسيوني قد تولى رئاسة لجنة تحقيق دولية، تم تشكيلها بتكليف من ملك البحرين، لتقصي الحقائق حول الأحداث المأساوية التي شهدتها «المملكة» في عام ٢٠١١. .. وضمت اللجنة المذكورة أربعة أعضاء آخرين إضافة إلى رئيسها بسيوني، وهم «فيليب كيرش» الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية، وكان سفيراً سابقاً لكندا، والسير «نايجل رودني» الأستاذ المحاضر في جامعة «ايسكس» البريطانية، وهو باحث في مجال حقوق الإنسان، وناشط معروف في جميع أرجاء العالم. كما ضمت اللجنة المستشارة القانونية السابقة للأمم المتحدة «كاهنوش أرسانجاني» وهي إيرانية الجنسية، إلى جانب السيدة بدرية العوضي العميدة السابقة لكلية الحقوق في جامعة الكويت. .. لقد أجرى محققو اللجنة المذكورة مقابلات مع (٥١٨٨) شخصاً، من بينهم رموز المعارضة البحرينية، وعقدوا عشرات الاجتماعات، وانتقلوا لمعاينة العديد من المواقع التي شهدت الاضطرابات، وقاموا بزيارة عدد من السجون والمعتقلات. .. وفي الثالث والعشرين من نوفمبر ٢٠١١ كشف بسيوني نتــــائج تقريـــره، في حفل اســــتعراضي رســــمي، دعـــــا إليه «ملك البحرين»، حضره أكثر من (٦٠٠) شخص من الحكومة والبرلمان وغيرها من مؤسسات الدولة، وأعضاء السلك الدبلوماسي وممثلي المجتمع المدني. .. وخلــص المحقق الشهــير في تقريره الأشـهر، إلـــى أن قطر قامت بوساطة لإيجاد حل للأزمة البحرينية، عبر اتصالات أجرتها مع المعارضة، بمعرفة من سلطات المنامة. .. وتمت الإشارة إلى ذلك في الفقرة (٥٢٧) من التقرير، الذي أعلن خلاله (٢٦)، توصية، كانت بمثــــابة خـــــريطة طريق لحل الأزمة البحرينية، لو تم تنفيذها بكاملها. .. والمؤسف أن البحرين تعاملت مع «تقرير بسيوني» الذي ضم (٦١٢) صفحة، كوثيقة تاريخية فقط، تؤرخ لمرحلة مليئة بالاضطراب الداخلي، وتجاهلت إشارة صاحب التقرير إلى الوساطة القطــــريـــة، التي تمــــت بتـــــرحيــب منـها، لإيجاد حل سياسي لأزمتها! .. لقد كتب بسيوني في تقريره كلمة حق للتاريخ، عن المساعي التي بذلتها قطر، لتسوية الأزمة البحرينية، وعندما يشير هذا «البروفيسور» القانونـــي إلى ذلك، فهــذا يعني مصداقية كل حرف ورد في تقريره، لأنه كان علماً من أعلام الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، ويعـــد واحـــداً من أبرز فقهاء القانون الدولي، وكان مرشحاً لنيل «جائزة نوبل» عام ١٩٩٩. .. وعلى أساس السمعة الطيبة التي يحظى بها رئيس لجنة تقصي الحقــــــــائق في أحــــــداث البحـــــرين، لا يستــــطيع أحـــــد أن يجامـــل السلطـــات البحرينـــيـــــة، أو يــــجــــادل فــــي حقيقة الوساطة القطرية، خاصة أن الخبير الـــــقانــــوني محـــــمود شــــريف بســــيوني الــــــذي يشــــار إليـــه عـــــلى أنــــه أبو القانون الجنائي الدولي المعاصر، كان يشتهر بمقولة «لا يكفي أن تكون قانونياً دولياً بارزاً، بل تقتضي نزاهتك أن تلتزم بمواد القانون، وإن أغضبت ذوي السلطة والنفوذ والمناصب العليا». لقد أصدر بسيوني بياناً في العام الماضي، أكد فيه أن التوصيات الـ (٢٦) الواردة في تقريره تم تنفيذ (١٠) منها فقط بشكل كامل، في حين أن الأخرى وعددها (١٦) نفذ بعضها جزئيا، مشدداً على أن اثنتين منها، ينبغي أن يشكل تنفيذها أولوية للسلطات البحرينية، وتحديداً ضرورة الإفراج عن الأشخاص المعتقلين على خلفية مواقفهم السياسية، وعلي سلمان، واحد منهم. .. ورغم أن الخبير القانوني الراحل رسم «خريطة طريق» لخروج البحرين من أزمتها العاصفة، لكن «مملكة البمبر» أدارت ظهرها للكثير من التوصيات الواردة في التقرير الأشهر، وبدلاً من أن تسعى المنامة لحل معضلتها الداخلية بشكل جذري، ها هي اليوم تتآمر ضد الدوحة، وتتهم رموز معارضتها بالتخابر مع قطر! .. وفي خضم هذه المؤامرة الكبرى المتمثلة في الحصار الجائر المفروض على قطر, منذ الخامس من يونيو الماضي، بمشاركة بحرينية، ليس لي سوى أن «أبكي على البمبرة، وأبكي على التينة، وأدعي على من جرح قلبي بسكينة»! بقلم أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
البحرين تتعامل مع مواطنيها على طريقة «بوشلاخ».. بالتنسيق مع «أبولمعة» المصري! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عندما تصبح الوساطة القطرية جريمة في المنامة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ «تقرير بسيوني» أكد أن اتصالات قطر مع المعارضة بالتنسيق مع السلطة لتسوية أزمتها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الفقرة »٥٢٧« من تقرير لجنة «تقصي الحقائق» تؤكد أن الهدف من اتصالات الدوحة حقن الدماء آخر ابتكارات أو «فناتك» السلطات البحرينية تلفيق تهمة «التخابر مع قطر» لزعيم المعارضة المعتقل علي سلمان، الأمين العام لجمعية «الوفاق» المحلولة! هذا القيادي البحريني المعارض، القابع في السجن حالياً، منذ احتجازه في الثامن والعشرين من ديسمبر ٢٠١٤، إثر مقاطعة جمعيته الانتخابات البرلمانية، التي جرت في نوفمبر من نفس العام، لفقت له «النيابة العامة» تهمة باطلة، على خلفية الاتصالات الهـــاتفيـــة التي دارت بيــــنه وبين معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء السابق، ضمن وساطة قطرية معلومة، وليست مجهولة، تمت في شهر مارس عام ٢٠١١، بمعرفة وموافقة ومباركة السلطات البحرينية. لقد تم بث أجزاء من تلك المكالمات بشكل موجه لتوظيفها في سياق الأزمة الخليجية الراهنة، وتوجيه الرأي العام من خلالها، عبر الادعاء أن قطر تتدخل في شؤون البحرين الداخلية! .. وعندما أتناول بقلمي هذه القضية الملفقة، لا أزعم أنني أملك خبرات الفقيه القانوني الخليجي الشهير «أحمد يكيكي»، ولكن الزج باسم قطر بهذا الشكل الخبيث، عبر اقتطاع أجزاء من الاتصالات الهاتفية، التي تمت في شهر مارس ٢٠١١، وبثها وسط التوترات الحالية، يؤكد بالدليل القاطع، والبرهان الساطع، مواصلة استهداف الدوحة من طرف دول «التآمر الرباعي»! كما يعد توجيه تهمة التخابر مع قطر إلى القيادي البحريني علي سلمان تنكراً للجهود والمساعي القطرية التي بذلتها الدوحة، لإنهاء الاضطرابات في البحـــرين، تعزيزاً لأمنها وحفاظاً على استقرارها. .. وتوضيحاً لما هو واضح، أود إضافة شحنة أخرى من التوضيح، حرصاً على إضفاء المزيد من زخم الوضوح بأن الوساطة القطرية كانت تتم في وضح النهار، في إطار المساعي الحميدة التي بذلتها قطر، للوصول إلى حل سياسي مع المعارضة، يجنب البحرين إراقة الدماء، بعد انطلاق موجات الحراك الشعبي الواسع في «المملكة» شهر فبراير عام ٢٠١١. .. ولعل ما يؤكد علم المنامة بهذه الوساطة وترحيبها بها، إجراء الاتصالات الهاتفية على شبكة الهواتف العادية في البحرين، وعدم إثارة «المملكة» لهذا الموضوع طوال الأعوام الماضية، لا سيما خلال أزمة سحب السفراء عام ٢٠١٤، كقضية خلافية، شكلت ضغطاً على العلاقات القطرية ــ البحرينية حينها. .. ولا يحتاج الأمر الثابت إلى إثبات بأن كل ما ورد في تلك المكالمات، كان يتم على مسمع «الديوان الملكي» البحريني، بموافقة رسمية من «الملك»، ومتابعة سياسية من «ولي عهده»، وتنسيق مباشر مع المملكة العربية السعودية، ممثلة بوزير خارجيتها الأمير الراحل سعود الفيصل، رحمه الله. .. واســـتـــــنـــــــاداً إلـــى ذلـــــك، قـــــــام مـــعـــــالي الشـــــــيـــــــــخ حـــمــد بـــن جاسم بن جبر آل ثاني، بصفته وزيراً للخارجية آنذاك، بزيارة المنامة في الرابع عشر من مارس عام ٢٠١١، بصحبة نظــــــيره السعــــودي، عشــــية دخول طلائـــع قــــوات «درع الجزيرة» إلى الأراضي البحرينية. .. وأذكر يومها أن معالي رئيس الوزراء السابق وزير الخارجية الأسبق، أدلى بتصريحات نقلتها وكالة أنباء البحرين الرسمية، أكد فيها وقوف قطر إلى جانب «المملكة الشقيقة» في مواجهة أي خطر يهدد أمنها ويقوض استقرارها. .. والمؤسف أن يتم قلب الحقائق المتعلقة بالوساطة التي قادتها قطر مع رموز المعارضة البحرينية، وتوظيف الاتصالات التي أجرتها معهم، بمباركة من سلطات الحكم في المنامة، لتصفية الحسابات مع الدوحة، في إطار الأزمة الخليجية الراهنة! .. ويمكن ملاحظة أن ادعاءات «التخابر مع قطر»، التي تـــحاول السلطــــات البحرينـــية إلــصـاقـــها بالمــــعارض البحــــرينـــي «علي سلمان»، هي نفس التهمة التي وجهها النظام المصري للرئيس الشرعي المعزول «محمــد مرسي»، مما يعني أن المحرض واحــــــد، وجهــــة التحريــــض ضـــد الــــدوحة واحدة، وجهة الادعاء والتلفيق موحدة! .. وأستطيع القول إن «بوشلاخ» البحريني، تحالف مع «أبولمعة» المصري، وهما شخصيتان تشتهران بترويج الأباطيل، وإشاعة الأكاذيب، وقام أشهر كذاب، مع أكذب «فشار» بتلفيق تهمة «التخابر مع قطر»، على خلفية الاتصالات الهاتفية التي جرت مع المعارضة البحرينية عام ٢٠١١. .. وما من شك في أن اتهام علي سلمان «بالتخابر مع قطر»، يثير الكثير من السخرية والاستهجان ولا أقول الأحزان في الشارع القطري، كما يسبب المزيـــد مـــن الاحتقـــان فـــي الداخل البحريني، خاصة أن التهمة الملفقة تتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، ولهذا أصبحت هذه القصة تتردد على كل لسان! .. والمؤسف أنه لم تبق نقيصة في إطار التهمة الملفقة، لم تحاول «النيابة العامة» إلصاقها بالمعارض البحريني، الذي يحظى بشعبية جارفة في بلاده، منها التخابر مع قطر، للقيام بأعمال عدائيـــــة ضـــد البحريــن، تستهـــدف الإضرار بمــركـــزها الحربي والسياسي والاقتصادي، واستهداف مصالحها القومية»! .. وفي إطار هذه «القفة» من الادعاءات، لم يبق سوى اتهامه بأنه «تخابر مع الدوحة» للإضرار بالمنتوج القومي من «البمبر»، وهي ثمرة تشتهر بها البحرين، دائرية بحجم «التيلة»، بداخلها مادة لزجة سكرية، تحيـــــط بنواتهــــا الداخلـــــية، مفــــيدة لعلاج قرحة المعدة، لأنها تغطي الجدار الملتهب بمادتها الصمغية، كما أنها تصلح لعلاج حالات «السعال الديكي»، التي تظهر على المصاب في شكل شهقات طويلة تشبه صيحة «الديج»! .. وسميت «البمبرة» بهذاالاسم، لأن سقوطها من شجرتها يصدر صوتاً عند ارتطامها بالأرض، وكأنها قطعة من المفرقعات، وربما يكون ذلك هـــــو السبــــب في اتهام المعـــــارض البحــــريني بالإضرار بمركز البحرين الحربي، حيث يتم استخدام «البمبرة» كسلاح استراتيجي لرشق الأعداء! .. وليس غريباً أيضاً اتهامه بأنه تواطأ مع الدوحة لإحداث كساد في الناتج الوطني من «صلوم اللوز» و«العنقيش»، وربما يتم اتهامه لاحقاً بإفشاء «الشفرة الملكية» الخاصة بوصفة خلطات «الآجار» البحريني! كما لا أستبعد اتهام قطر بتخريب الصناعات الثقيلة في البحرين، من بينها صناعة «المهفة» وهي المروحة اليدوية، المصنوعة من «الخوص» الملون، والادعاء أن علي سلمان أفشى أسرار صناعة «الفخار»، الذي تشتهر به قرية «عالي»، وتسبب في الإضرار بصناعة «السلال» التي تنتجها قرية «كرباباد»! .. ويمكن أن تخصص سلطات البحرين «جفيراً» مليئاً بالادعاءات حول تخابر المعارض البحريني مع الدوحة، من بينها سعيه لتدمير صناعة «البشتختة» التي يتم فيها حفظ الوثائق والمستندات، وقيامه بتفجير صندوق «الغتم»، ونظيره«بوحبال» الملفوف بالحبال المتينة، المرتبط بالتراث البحريني! .. وليس مستبعداً أيضاً اتهامه مع الدوحة بالإضرار بمحصول «الرويد»، و«البربير» و«البقل» و«الطروح»! .. عدا تواطؤ المعارض البحريني، وتورطه مع قطر في تسميم «ماي اللقاح»، وإفساد الثروة الوطنية من «المرقدوش»، و«العنزروت» و«الزموتة»، مما سيؤدي إلى كارثة كبرى في البحرين، تتمثل في صعوبة قيام سكانها بطرد الغازات! .. وخـــــارج إطاــــــر تــلك الألغاز، ليــــس ســــراً أن قطر قادت وساطة أخوية لتسوية الأزمة السياسية في البحرين، بعلم العاهــــل البحريــني، وعنـــــدما يتـــم استــــغـــلال تلــــك الاتصالات الهاتفية، فهذا يعد توظيـــفاً رخيـــصاً، يحمــــل في طـــياته نوايا خبيثة، وأهدافاً خسيسة. .. ولو كانت سلطات البحرين صادقة مع شعبها، بعيداً عن دبلوماسية «بوشلاخ»، واستراتيجيات «أبولمعة»، لقامت ببث ما ورد في تلك المكالمات كاملاً، دون اقتطاع أي أجزاء منها، ليعرف الجميع حقيقة ما دار فيها، وليعلم الرأي العام البحريني والخليجي والعربي أنها في حقيقتها لم تخرج عن إطار البحث عن حل سياسي للأزمة التي عصفت بالبلاد عام ٢٠١١. .. وعندما تُضخم البحرين الاتصالات الهاتفية القطرية، التي تمت مع رموز المعارضة، وتُخرجها عن سياقها، وتزعم أن المعارض علي سلمان تخابر مع قطر، فإنها هي الخاسر الأكبر، لأنها بذلك تثير الرأي العام ضدها، وتجعلنا نسلط الأضواء الكاشفة على الزوايا المعتمة في صراعها المتواصل مع شعبها. .. ولو لم يكن علي سلمان رجلاً وطنياً سواء اختــــــلفنا أو اتفــــقنا مع مواقفه لما تعاملت المنـــــامة معــــه في إطــــــار مشروعها الإصلاحي الـــــــــذي تـــم إجـــــهاضه، ولما أصـــــبح واحداً من رموز ديمقراطيتها الموؤودة، كما يظهر في الصورة التي تتـــــصدر الصفحة، والتي تظهره حاضراً في المشهد البحريني، جنباً إلى جنب مع ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة. .. ولو كان عميلاً لدولة أجنبية، كما تدعي المنامة، أو «جاسوساً» يخابر مع قطر، لما حظي بالشعبية الجارفة في أوساط طائفته، التي أوصلته، ليصبح أميناً عاماً لجمعية «الوفاق» التي تم حلها! .. ويكفي لدحض الادعاءات البحرينية الكاذبة، حــــول تخــــابر عــلي سلمان مع قطــر، قــــراءة تقـــرير المحـــقـــق الـــدولـــــي محمود شريف بسيوني، الذي دخل اسمه بيوت البحرينيين جميعاً، وظل حاضراً في ذاكرتهم وذكرياتهم عن الأحداث التي شهدتها «مملكتهم»، رغم رحيله عن عالمنا في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر الماضي، بمستشفى في شيكاغو عن عمر ناهز ٨٠ عاماً. .. وعندما أتوقف عند «تقرير بسيوني» أعتقد أنه لا أحد في البحرين وما حولها، لم يسمع عن مخرجات ذلك التقرير الأشهر في وصف الحالة البحرينية. فهذا الخبير القانوني الدولي، ذو الأصول المصرية، الذي يحمل الجنسية الأميركية، اعتمدت عليه «الأمم المتحدة» في الكثير من ملفاتها المعقدة، لتقصي الحقائق في مناطق الصراع حول العالم. .. وكان بسيوني قد تولى رئاسة لجنة تحقيق دولية، تم تشكيلها بتكليف من ملك البحرين، لتقصي الحقائق حول الأحداث المأساوية التي شهدتها «المملكة» في عام ٢٠١١. .. وضمت اللجنة المذكورة أربعة أعضاء آخرين إضافة إلى رئيسها بسيوني، وهم «فيليب كيرش» الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية، وكان سفيراً سابقاً لكندا، والسير «نايجل رودني» الأستاذ المحاضر في جامعة «ايسكس» البريطانية، وهو باحث في مجال حقوق الإنسان، وناشط معروف في جميع أرجاء العالم. كما ضمت اللجنة المستشارة القانونية السابقة للأمم المتحدة «كاهنوش أرسانجاني» وهي إيرانية الجنسية، إلى جانب السيدة بدرية العوضي العميدة السابقة لكلية الحقوق في جامعة الكويت. .. لقد أجرى محققو اللجنة المذكورة مقابلات مع (٥١٨٨) شخصاً، من بينهم رموز المعارضة البحرينية، وعقدوا عشرات الاجتماعات، وانتقلوا لمعاينة العديد من المواقع التي شهدت الاضطرابات، وقاموا بزيارة عدد من السجون والمعتقلات. .. وفي الثالث والعشرين من نوفمبر ٢٠١١ كشف بسيوني نتــــائج تقريـــره، في حفل اســــتعراضي رســــمي، دعـــــا إليه «ملك البحرين»، حضره أكثر من (٦٠٠) شخص من الحكومة والبرلمان وغيرها من مؤسسات الدولة، وأعضاء السلك الدبلوماسي وممثلي المجتمع المدني. .. وخلــص المحقق الشهــير في تقريره الأشـهر، إلـــى أن قطر قامت بوساطة لإيجاد حل للأزمة البحرينية، عبر اتصالات أجرتها مع المعارضة، بمعرفة من سلطات المنامة. .. وتمت الإشارة إلى ذلك في الفقرة (٥٢٧) من التقرير، الذي أعلن خلاله (٢٦)، توصية، كانت بمثــــابة خـــــريطة طريق لحل الأزمة البحرينية، لو تم تنفيذها بكاملها. .. والمؤسف أن البحرين تعاملت مع «تقرير بسيوني» الذي ضم (٦١٢) صفحة، كوثيقة تاريخية فقط، تؤرخ لمرحلة مليئة بالاضطراب الداخلي، وتجاهلت إشارة صاحب التقرير إلى الوساطة القطــــريـــة، التي تمــــت بتـــــرحيــب منـها، لإيجاد حل سياسي لأزمتها! .. لقد كتب بسيوني في تقريره كلمة حق للتاريخ، عن المساعي التي بذلتها قطر، لتسوية الأزمة البحرينية، وعندما يشير هذا «البروفيسور» القانونـــي إلى ذلك، فهــذا يعني مصداقية كل حرف ورد في تقريره، لأنه كان علماً من أعلام الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، ويعـــد واحـــداً من أبرز فقهاء القانون الدولي، وكان مرشحاً لنيل «جائزة نوبل» عام ١٩٩٩. .. وعلى أساس السمعة الطيبة التي يحظى بها رئيس لجنة تقصي الحقــــــــائق في أحــــــداث البحـــــرين، لا يستــــطيع أحـــــد أن يجامـــل السلطـــات البحرينـــيـــــة، أو يــــجــــادل فــــي حقيقة الوساطة القطرية، خاصة أن الخبير الـــــقانــــوني محـــــمود شــــريف بســــيوني الــــــذي يشــــار إليـــه عـــــلى أنــــه أبو القانون الجنائي الدولي المعاصر، كان يشتهر بمقولة «لا يكفي أن تكون قانونياً دولياً بارزاً، بل تقتضي نزاهتك أن تلتزم بمواد القانون، وإن أغضبت ذوي السلطة والنفوذ والمناصب العليا». لقد أصدر بسيوني بياناً في العام الماضي، أكد فيه أن التوصيات الـ (٢٦) الواردة في تقريره تم تنفيذ (١٠) منها فقط بشكل كامل، في حين أن الأخرى وعددها (١٦) نفذ بعضها جزئيا، مشدداً على أن اثنتين منها، ينبغي أن يشكل تنفيذها أولوية للسلطات البحرينية، وتحديداً ضرورة الإفراج عن الأشخاص المعتقلين على خلفية مواقفهم السياسية، وعلي سلمان، واحد منهم. .. ورغم أن الخبير القانوني الراحل رسم «خريطة طريق» لخروج البحرين من أزمتها العاصفة، لكن «مملكة البمبر» أدارت ظهرها للكثير من التوصيات الواردة في التقرير الأشهر، وبدلاً من أن تسعى المنامة لحل معضلتها الداخلية بشكل جذري، ها هي اليوم تتآمر ضد الدوحة، وتتهم رموز معارضتها بالتخابر مع قطر! .. وفي خضم هذه المؤامرة الكبرى المتمثلة في الحصار الجائر المفروض على قطر, منذ الخامس من يونيو الماضي، بمشاركة بحرينية، ليس لي سوى أن «أبكي على البمبرة، وأبكي على التينة، وأدعي على من جرح قلبي بسكينة»! أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
أحمد علي يكتب في كلمة صدق اليوم مسرحية «الزعيم» .. ولا يزال العرض مستمراً ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ «السيسي» .. درس بالبيانات الدقيقة والاحصائيات الصحيحة في الجغرافيا السكانية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الإمارات .. نموذج صارخ يعكس الخلل الحاد بين تعداد المواطنين وأعداد المقيمين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، ونظيره البحريني الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، وعدد من كبار المدعوين الخليجيين، قدم رئيس النظام المصري فصلاً جديداً من فصــــول مســـرحية «الزعيم»، دون مشاركة بطلها التقليدي عادل إمام، حيث أدى «عبدالفتاح السيسي» دور البطولة المطلقة، خلال افتتاح «قاعدة محمد نجيب العسكرية »، بمنطقة الحمام غرب الإسكندرية. .. وجــــاء «العـــرض الرئاسي» هزيلاً ولا أقول هزليا، ظهرت فيه عقدة الكبير من تفوق الصغير، ووصلت الكوميديا الساذجة ولا أقول الساخرة ذروتها عندما قال «انتو عاوزين تتدخلوا في مصر، دي فيها ١٠٠ مليون بيفطروا ويتغدوا وبيتعشوا في يوم، بأكل سنة من بعض الدول»! هذه الجملة الاستعراضية الاستعلائية جعلت ولي عهد أبوظبي يبدو منتشياً، حيث ارتسمت على وجهه ابتسامة لها معناها ومغزاها، ووفقاً لتعليق عمرو أديب فإن «الريس بتاعنا عمل حتة زغننة غالباً ما بيعملهاش، لأن مش من عوايده يتكلم عن دولة بالطريقة دي، لأنه دائماً متحفظ، بس النهاردة حط جملة هتفضل موجودة في التاريخ»! .. وكان نفسي في حاجة واحدة بس ــ والكلام لا يزال للمهرج المصري ــ أن يقول قطر، ومن منظور شخصي ده ضرب تحت الحزام، حتى شفتوا الابتسامة بتاعت محمد بن زايد واضحة خلاص، لما الريس بيتكلم عن ١٠٠ مليون بياكلوا وبيشربوا، هو بيقول حجم البلد عامل ازاي، خد بالك انت مش قدنا، ودي مش فتونة ده واقع الأمر، بس هي دي كل الحكاية، وكل ده علشان نقدر نغلوش على الفكرة نفسها. .. وبعيداً عن «الغلوشة» يخطئ عمرو أديب ورئيسه السيسي ــ أشد الخطأ ــ ومعهما رجال إعلام النظام المصري إذا اعتقدوا واهمين أن قلة عدد السكان هي معضلة قطرية، تعاني منها قطر دون غيرها من دول الخليج العربي الأخرى. فنحن نعترف أننا «دولة زغنطوطة»، لكن إنجازاتنا الاقتصادية والسياسية والإعلامية والتنموية أكبر من إنجازات غيرنا من كبار الدول، وما ننجزه في سنة، يعجز آخرون عن إنجازه في سنوات! .. وينبغي على بطل مسرحية «الزعيم» في ظهورها الجديد على المسرح السياسي المصري أن يراجع معلوماته الديمغرافية، ويطلب من مستشاريه تزويده بالبيانات الصحيحة، والأرقام الدقيقة المتعلقة بأعداد السكان في دول «مجلـــس التعـــاون»، قبــل الإدلاء بأي تعليقات كوميدية تمس الأقليات السكانية، حتى لا تنقلب تعليقاته الساذجة، المقصـــود منها الإســاءة إلى قطـــر، على حلفائه الذين يدعمونه ماليا وسياسياً، والذين كانوا في مقدمة الحاضرين لمراسم افتتاح قاعدته العسكرية. .. وكان ينبغي على «السيسي» قبل أن يطلق «نكاته الساخرة»، ويتفاخر بعدد ســكان بلاده أن يقــــف وقفة مطولة ومعمقة مع نفسه، ويراجـــع معلومــاته، ويطلب من جهـــاز «المخابـــرات المصريـــة» تزويده بالأرقـــــام والتقاريـــر والإحصــاءات الســـــكانية الدقيقــــة، المتعلقـــة بعدد سكان الإمارات، ليعرف حجم الكارثة التي تعاني منها حليفته، وبعدها من المؤكد أنه سيبلع لسانه، ويصمت حتى لا يحرج ضيفه المبتسم! .. وبعيداً عن المشهد الخارجي المبهر لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الصورة من داخلها تثير القلق، بل الدهشة، لأن شوارعها ومرافقها وميادينها وساحاتها ومراكزها التجارية تعج بكل الجنسيات باستثناء المواطنين! .. وتعكس التركيبة السكانية للدولة الاتحادية خللاً خطيرا، تكمن خطورته عند استعراض الأرقام الرسمية، حيث يبلغ عدد سكان الإمارات وفقاً لإحصاء صادر في شهر يوليو عام ٢٠١٦ نحو (٨.٢٦٤) ملايين نسمة، بينهم (٩٤٧.٩) ألف مواطن فقط، والباقي الذين يصل عددهم نحو (٧.٣١٦) ملايين جميعهم من الوافدين الأجانب، مما يؤشر إلى الاختلال، بل يشير إلى الاعتلال في التركيبة السكانية في البلاد. .. وتشكل هذه التركيبة الديمغرافية «قنبلة موقوتة»، في الإمارات باعتبار أن تعداد مواطنيها لا يزيدون عن ١١ % من إجمالي عدد السكان، في حين تزيد نسبة الوافدين عن ٨٥ %، وهذه أعلى نسبة مئوية للأجانب في دول الخليج، معظمهم من الهنود المقيمين في الدولة الاتحادية، الذين وصل عددهم إلى أكثر من (٣.١) مليون نسمة! .. وما من شك في أن هذه الأرقام الموثقة والموثوقة تدق ناقوس الخطر في الإمارات، حيث تشير إلى أن أبناء البلاد أصبحوا مجرد أقلية في وطنهم! بل صاروا مجرد جالية من الجاليات المقيمة هناك، لدرجة أن نسبتهم لن تزيد عن ٥ % من إجمالي عدد السكان عام ٢٠٢٥، مما يعكس شعور الكثيرين منهم بالقلق من هواجس الغربة، التي يشعرون بها في ديارهم، خوفاً على مستقبلهم، ومستقبل أجيالهم القادمة. .. وتبين تلك الأرقام الناطقة أن خلف العمارات الشاهقة، في الإمارات ثمة معضلة وطنية، ومشكلة قومية تعاني منها «الدولة الاتحادية»، التي تحولت إلى «مستوطنة آسيوية» ضخمة، من خلال الوجود الآسيوي الضخم، الذي ينخر الجسم الإماراتي، ويؤثر على هويته الوطنية، وثقافته العربية. .. وهذه المشكلة المتفاقمة وصلت إلى أعلى درجات الخطورة التي لا تسمح بتجاهلها، أو التباطؤ في إيجاد حلول جذرية لها، خاصة إذا علمنا أن الإمارات تواجه أزمة حادة تتمثل في انخفاض معدلات مواليدها المواطنين، بما يهدد مساعي «الدولة الاتحادية» لتحقيق أهدافها الإنمائية المستقبلية، التي تتطلب وصول مواطنيها إلى ٣ ملايين نسمة خلال العشر سنوات المقبلة. .. وأشار تقرير رسمي نشر في شهر فبراير الماضي في صحيفة «الاتحاد» الصادرة في أبوظبي إلى انخفاض معدلات الخصوبة من (٥٦) إلى (٢٣) طفل لكل إماراتية. .. ووفقاً لرسالة دكتوراه قدمها الباحث الياباني «كوجي هورينوكي» تمت مناقشتها مؤخراً في جامعة «كيوتو» اليابانية، أشار صاحبها إلى أن الإمارات تحتاج إلى ٥٠ عاماً لعلاج الخلل الحاد في تركيبتها السكانية! .. وكان صاحب الدراسة مقيماً في مدينة «العين»، وعزا سبب اختياره هذه القضيـــة لدراســتها إلى ما رصده خلال إقامته في الإمارات من غياب واضح للعنصر المواطن في جميع الأماكن التي زارها، مشيراً إلى أن عدد الإماراتيين لا يتجاوز (١١.٦ %) من إجمالي عدد السكان البالغ ثمانية ملايين تقريبا. .. ويكفي التوقف عند محاضرة ألقاها قبل سنوات الدكتور جمال سند السويدي، وهو واحد من أقرب المقربين إلى ولي عهد أبوظبي، حيث قال في محاضرته بصريح العبارة «إن الإماراتيين لن يستطيعوا العيش في بلادهم، إذا ما استمرت سياسات استقدام الأجانب كما هي»، ناصحاً أهل بلاده بالبحث عن جنسية أخرى! .. والأدهـــــــى من ذلـــــك أنه لـــــفت الانتبــــــاه إلــــــى أن «الحاكـــم بفعل هذه السياسات لن يجد من يحكم»، مشيراً في نفس الوقت إلى «فساد ٣ شيوخ من كبار المسؤولين في البلاد، قاموا ببيع ٣٠٠ ألف تأشيرة، واستولوا على أموالها»! .. وهذه المحاضرة موجودة على «يوتيوب» لمن يرغب في التأكد من صحة ما أكتب. .. وفي سياق الكتابة عن هذه القضية أسترجع أيضاً ما كتبه الدكتور عبدالخالق عبدالله في أحد مقالاته، التي رفضت صحيفة «الخليج» الصادرة في الشارقة نشرها، حيث أكد أن بلاده لا تعاني من خلل سكاني فحسب، بل من خلل تنموي، قائم على فكرة النمو من أجل النمو، وليس النمو من أجل الوطن والإنسان والمستقبل. ..ويضيف الكاتب الأكاديمي الإماراتي، الذي يعد حالياً واحداً من أكثر المؤيدين لاستمرار حصار قطر، أن «الإمارات دخلت في دوامة مرعبة من النمو من أجل النمو، والثروة من أجل الثروة، والثراء من أجل الأثرياء، والنمو من أجل تحطيم الأرقام القياسية التي تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا». .. ويقول الكاتب الإماراتي في مقاله الذي أهديه إلى المهرج عمرو أديب ليبني معلوماته عليه أن «الإمارات لم تعد تحتمل المزيد من هذا النمط من النمو الذي يتعارض مع أبجديات حب الوطن». .. ويواصل قائلاً أن «الإمارات لا تتحمل إقامة المشاريع العمرانية الضخمة كل الضخامة، التي لا تتناسب مع قدراتها السكانية الوطنية، ومع معطيات دولة صغيرة لا يزيد عدد سكانها من المواطنين، وفي أفضل الأحوال عن ٨٠٠ ألف مواطن»! .. ومن خلال كل تلك الأرقام والبيانات والاحصائيات والمعطيات السابقة، التي يعترف من خلالها أهل الإمارات أنفسهم بوجود خلل في تركيبتهم السكانية، يتضح أن «الدولة الاتحادية العربية» تعد النموذج الصارخ في قلة عدد سكانها المواطنين، مقارنة بغيرها من دول المنطقة! .. وبدلاً من أن يغمز «السيسي» من قناة عدد السكان في بلاده، الذين وصل عددهم الى (١٠٠) مليون نسمة، ويتباهى بهم أمام ضيوفه الخليجيين، ليته عقد مقارنة بين مستوى دخل الفرد المصري مع نظيره القطري، حيث حافظت قطر على المركز الأول عالمياً، في متوسط نصيب مواطنيها من الناتج الوطني، متفوقة على الإمارات والسعودية والبحرين وغيرها. لقد وصل متوسط دخل المواطن القطري إلى أكثر من ١٣٥ ألف دولار سنويا، ليصبح الأعلى على الإطلاق في العالم، ومن خلال هذا الرقم يسـتطيع (١٠٠) مواطــن قطـري تغطية موازنة (٣) محافظات مصرية، في حين لا يتجاوز متوسط دخل المواطن المصري ٣ آلاف دولار سنوياً، من الناتج المحلي الإجمالي في مصر! .. وبحسب الأرقام السابقة يتجاوز معدل دخل المواطن القطري سنوياً معدلات مداخيل العديد من مواطني الدول الأوروبية المتقدمة صناعياً، والمتطورة حضارياً، مما يعكس ســلامة الســـياسات التي تنتهجها الحكومة القطرية، التي حرصـــت علــى توظيــف ثـــروات البـــلاد لرفاهيـــة شـــعبها، فأصبـــح القطري هو الأغنى، والأعلى دخلاً، والأكثر خيرا، والأجود كرماً, والأكرم عملاً. لقد نسي «السيسي» وهو يتباهى بعدد سكان بلاده أن يقول بأن «الغلابة المصريين» يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة في عهده، منذ قرار حكومته تعويــم ســــعر صـــرف الجنــيه، الأمـــر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني. .. ونسي أن يقول إن «المائة مليون مصري» منهكون اقتصادياً بسبب سياساته الفاشلة، التي أدت إلى ارتفاع قياسي في معدلات التضخم، ليفقد الجنيه نصف قيمته، وترتفع الأسعار بنسب غير مسبوقة. .. ونسي أن يقول أن معدل التضخم في عهده واصل ارتفاعه المتضــخم، وبلـــغ مســـتوى ٣٢ %، لدرجـــة ان المـــواطن المصري متوســـط الحـــال، لم يعد قادراً على شراء وجبة إفطار لأولاده! .. ونسـي أن يقول أن المصرييـــن من ــ كل الطبقـــات ــ يجـــدون صعوبة في شراء احتياجاتهم الأساسية المتمثلة في السكر والشاي والزيت والرز ــ وما أدراك ما الرز ــ بسبب جنون الأسعار واختفاء السلع الأساسية. .. والواقع أن مصر تعيش الآن عصراً من أسوأ عصورها السياسية، قهراً وفقراً، حيث تعاني العديد من الأسر المصرية من عدم وجود ما يكفي لديها من الخبز لإطعام أفرادها، بل أن بعضها ليس لديها خبز على الإطلاق! .. ووفقاً للأرقام الرسمية فإن ٤٠ % من المصريين دخلوا منطقة الفقر في عهد «الرئيس الفقري»، وباتوا لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الضرورية، أو التكيف مع موجات الغلاء التي أغرقتهم، واستهدفت لقمة عيشهم، والسبب فشل السياسات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة المصرية، وآخرها زيادة أسعار الوقود، التي أحرقت بوقودها مداخيل المصريين! .. وبدلاً من أن يسعى نظام السيسي للقضاء على الفقر، نجد أن سياساته تقضي على الفقير، حيث أضيف خلال العام الماضي (١٣) مليون مصري إلى خانة الفقراء، وفقاً لبيانات رسمية أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري. .. ولا أريد القول إن «المائة مليون مصري» أصبحوا في عهد السياسي «مش لاقيين حاجة ياكلوها، لا عيش ولا حتى زبادي»، لكن ما أريد قوله ماذا لو أن رئيسهم «الزعيم المزعوم» تولى ليوم واحد رئاسة دولة مثل الهند، وصل عدد سكانها حسب آخر الاحصائيات إلى (١٢٥٢٠٠٠٠٠٠) مليون نسمة؟ ماذا سيفعل السيسي لو كان رئيساً لوزراء الهند خاصة أن الوجبة المفضلة لدى الهنود هي «الرز» ؟ .. وبالمقاييس الســـكانية، والمعايير الديمغرافيــة التي تحـــدث عنها «الزعيـــم المــوهوم» أمـــام ضيـــوفه الخليجييــن، فإن عدد سكان الهنــد لو نظمــوا اعتصــاماً احتجاجيــاً في «ميـدان رابعــة» ضد سياساته، لن يستطيع جيشه ولا عساكره، اقتلاعهم من تلك الســـاحة، ولن يســـتطيع نظامه الحاكم المتحكم في مصائر الشعب المصري الشقيق، أن يتحكم في دخولهم أو خروجهم من ذلك الميدان! .. وربما يقول قائل إن مصر تخوض حالياً حرباً بلا هوادة ضد ما يسميه نظامها «الإرهاب»، وقبلها خاضت حروباً طاحنة ضد إسرائيل، أثرت على اقتصادها، وانعكست على أحوالها المعيشية، وأنهكت أحوال شعبها. .. وأرد عليه أن الهند خاضت ثلاث حروب شاملة ضد جارتها باكستان، انتهت الأولى بتقسيم كشمير عام ١٩٤٩، ولم تفلح الثانية في تغيير هذا الوضع عام ١٩٦٥، في حين أسفرت الثالثة عن تقسيم باكستان نفسها إلى دولتين، الشرقية منها أصبحت جمهورية بنغلاديش. .. ورغم أن الهند تخوض صراعاً تاريخياً مع جارتها اللدودة, لم نسمع أن رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على السلطة في «نيودلهي» تحدثوا عن «فطور وغداء وعشاء» مواطنيهم، ولم «يتفشخروا» ويعايروا غيرهم بعدد سكانهم الهائل! .. ورغم التحديات الأمنية التي تواجهها الهند فقد تمكنت من بناء نموذج ديمقراطي فريد من نوعه في العالم، ورغم مشاكلها ووجود التعصب الطائفي بين هندوسها ومسلميها فقد تمسكت بتجربتها الديمقراطية العريقة، فلم تجهضها، ولم تسحقها بجيشها القوي، صاحب القنبلة النووية، ولم تنقلب عليها بعسكرها كما فعل السيسي. لقد حرص زعماء الهند على ترسيخ روح الوطن الواحد، في نفوس مكونات شعبهم، وكان لهم الفضل في تحقيق شروط ومتطلبات التنمية في دولتهم، دون إقصاء «جماعة»، أو إخصاء غيرها، أو إلغاء مكون من مكونات الشعب الهندي، فأصبح الهندوس والمسلمون «إخوان» في وطنهم، شركاء في بلدهم، رغم الصراعات المتفاقمة، التي تندلع بين الحين والآخر بينهم، وتخرج أحياناً عن السيطرة، احتجاجاً على ذبح «بقرة»، تقدسها الطائفة الهندوسية، في حين أن لحمها يشكل غذاء لا يستغني عنه مواطنوها أتباع الديانة الإسلامية! .. وعلى العموم رغم أن ربع سكان الهند يعانون من الفقر المدقع، فقد تمكنت بلادهم من تطوير قدراتها التنموية، لتصبح قوة اقتصادية عالمية، يشار إلى صناعاتها المتطورة في جميع المجالات بالكثير من الإعجاب، لدرجة أن الصناعات القطنية الهندية صارت تغرق الأسواق المصرية، رغم أن مصر كانت تشتهر بأنها المصدر الأول لزراعة القطن وصناعته في الشرق الأوسط، خاصة أن قطنها «طويل التيلة». .. وأريد أن أطرح على السيسي من خلال هذا الدرس الذي لن ينساه في الجغرافيا السكانية، الموثق بالبيانات الدقيقة والأرقام الصحيحة نموذجاً براقاً من نماذج الدول الصغيرة في مساحتها، التي يسمونها في وسائل إعلامه «عقلة الإصبع»، وهي سنغافورة، التي لا تتعدى مساحتها (٧١٠) كيلومترات مربعة، وهي أصغر من قطر التي تكبرها بأكثر من (١٠.٨١١) كلم! .. ورغم أن هذه الدولة الآسيوية مجرد جزيرة صغيرة, تستلقي في جنوب شرق آسيا، حيث المضيق البحري الذي يحمل اسمها، بمحاذاة سواحل ماليزيا، ورغم قلة مواردها الطبيعية، استطاعت تحقيق معدلات متصاعدة في نموها الاقتصادي، لتتربع على عرش مجموعة «النمور الآسيوية». لقد ركزت سنغافورة على محاربة الفساد في نظامها السياسي، وحرصـــت على تطويــر إنسانها باعتبـــاره محـــرك التنميـــة، وبرعت في الاقتصـــاد المعــرفي، وليس اقتصاد الموارد الطبيعية، وتفوقت في صناعة الإلكترونيات، وغيرها من التقنيات، فصارت الدولة الأكثر علماً وعولمة في العالم. .. وأصبحت عاصمتها مدينة عالمية، تلعب دوراً مهما في الاقتصاد العالمي، حيث تعتبر رابع أهم مركز مالي في العالم، ويعد مرفأها خامس ميناء عالمي من حيث النشاط الحركي، علماً بأن عدد سكانها لا يتجاوز (٥.٦٧) مليون نسمة، وهم بذلك لا يزيدون في تعدادهم عن سكان محافظة «الدقهلية»، البالغ عددهم (٥.٨١٨) مليون نسمة! .. ويبقى أن أذكر «السيسي» ان «مملكة البحرين» حليفته المتآمرة معه ضد قطر, تعتبر أصغر دول المنطقة من حيث المساحة، وتبلغ مساحتها (٧٦٥٣) كيلومترا مربعا، يعني أنها أكبر قليلاً من «قاعدة محمد نجيب العسكرية»، التي افتتحها قبل أيام، وهي أصغر كثيراً من مساحة محافظة «القليوبية»، البالغة (١٠٠١) كم مربع. .. ويبلغ عدد سكان البحرين وفقاً للإحصائيات الرسمية (١.٤٢٣) مليون نسمة، منهم (٧٥٩) ألفا غير مواطنين، مما يعني أن مواطنيها يبلغ عددهم (٦٦٥) ألف نسمة منهم (٣٣٦.٨٣٤) ذكرا و (٣٢٧٫٨٧٣) أنثى دون التفريق بين سنتهم وشيعتهم، وهذا الرقم أقل من عدد سكان «دمياط» البالغ (١.٢٨٨) مليون نسمة! .. ولكــــل هـــذا أقــــول للزعيـــم المزعــــــوم عبدالفتــــاح السيــســي «خليــك في حــالك مشــغولا في عد حبـــات الــرز»، ولا تفتـــح الملفات الحساسة المتعلقة بعدد سكان الدول الأخرى، لأنك بذلك لن تحرج قطــــر، ولكنك تجرح حلفاءك الخليجيين، الذين حضروا افتتاح قاعدتك العسكرية الجديدة، و«ابتسموا» على تعليقاتك الساذجة، ولا أقول الساخرة، الخارجة عن النص! .. وأدعو «الزعيم الموهوم» الذي يقوم حالياً ببطولة فصل جديد من مسرحية «عادل إمام»، إلى فهم حقائق السكان على أرض المكان، وكيفيـــة تعاملهـــم مع البيـــئة الجغرافيـــة المحيـــطة بهـــم, مــن خـــلال القيـــام بجولة ميدانيـــة في شــوارع أبوظبي, خــلال إحـــدى زياراته إلى الإمارات، وســـيفاجأ أنـــه لــن يجــد من بين (١٠٠) شخص أو أكثر مواطنــاً واحداً, يتحدث معه باللهجة الإماراتية، ويقول له «مرحباً الساع»، وتعني باللهجة المصرية «منور يا باشا»!. أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
قارن سلمان بن حمد آل خليفة مع:
شارك صفحة سلمان بن حمد آل خليفة على